من المقاصد الأساسية لرمضان أنه شرع ليربي الإرادة في الإنسان وذلك من خلال ثلاث أمور كفه عن الشهوات والملذات وعن المعاصي طيلة شهر بكامله كالغيبة التي تعتبر من المعاصي الأشد فتكا بالمجتمع الاسلامي والأشد تمزيقا بأواصر الأخوة والمحبة وقد أرشدنا صلى الله عليه وسلم الى الغيبة قائلا : هل تدرون ما الغيبة؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكرهه، قيل: أرأيت إن كان في أخي ما أقوله؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته) رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، سواء في ذلك أن يكون ما يكرهه الإنسان في بدنه أو نسبه أو خلقه أو قوله أو فعله أو في غير ذلك، وقال الحسن، ذكر الغير على ثلاثة أنواع: الغيبة والبهتان والإفك. فالغيبة أن تقول ما فيه، والبهتان أن تقول ما ليس فيه، والإفك أن تقول ما بلغك.
وقد تكون باللسان، وقد تكون بالإشارة وشهادة الزور والاحتكار.
ومن المعلوم أن الإرادة هي الحافز والموجه الأساسي للإنسان على تسخير قدراته وطاقاته فبقدر ماتتقوى إرادته بقدر ما ينقاد للعمل والعكس بالعكس. فالارادة هي التي تجعل الصائم حريصا على صومه من أية نواقص أو نواقض فلولا العزم والارادة لما صبر الانسان المسلم على الظمأ والجوع ساعات طويلة تفوق الاثنتي عشرة ساعة أرضاء وحبا لله الذي شرف عبده باختصاص عبادة الصوم والارادة هي التي تدفع الصائم أن يستيقظ باكرا متوجها الى مصدر رزقه دون كلل أو ملل محتسبها في سبيل الله عزو جل والناس عادة إنما يتفاوتون في إراداتهم وهممهم .فبهممهم العالية وإرادتهم القوية يقتحمون الطريق الى الله تعالى .ولهذا قال ابن القيم رحمه الله : اعلم أن العبد إنما يقطع منازل السير الى الله بقلبه وهمته لاببدنه والتقوى في الحقيقة تقوى القلوب لاتقوى الجوارح قال تعالى : ومن يعظم شعائر الله فإنها من ثقوى القلوب) وقال الرسول : التقوى هاهنا وأشار الى قلبه ) وهذا الكلام يصدقه الواقع حيث وجدنا أناسا ضعاف الأبدان ولكنهم يعملون أعمالا لايقوى عليها شباب أقوياء والسبب هو قوة إرادتهم وهمتهم النابعة عن قوة قلوبهم .
وإذا كان هذا مقصد أساسي من مقاصد رمضان فالواجب على كل مسلم أن يحرص على تحقيق هذا المقصد في نفسه وأن يسعى جاهدا لتقوية إرادته وهمته خلال الشهر ليقطع بها الطريق خلال سنته إن كتب له البقاء .
لأنه سيغرس في نفسه وعقله وقلبه الارادة والعزم والتصميم في رمضان وغير رمضان...
فاروق ابو طعيمة