طـــابـع الإســـلام والثـقــافــة الإســلامـيــة فــى شـرق إفـريـقيــا
بعد الحديث عن السـلطنـات الإسلامية وحركات الجهاد فى بلاد الحبشة
والصـومــال وعــلى طـول الســاحــل الشـرقــى الجـنوبـى حتـى نهر
«زمبيزى» فـى «موزمبيق» نـلقـى نظرة عـلى طـابع الإسلام فى تلك
الجـهــات وعـن مـدى انفعـال تـلك الشعوب بـالإسـلام، ومدى انتشـار
الثقافة الإسلامية فى هذه المناطق.
تميزت الإمـارات الإسـلاميـة فـى هذه المنطقـة بطـابع أثر فـى كيانها
السيـاسـى وفـى موقفهـا ضد #الأحبـاش# والبرتغـاليين وفـى عطـائهـا
الحضارى والثقافى. هذا الطابع تمثل فى أن هذه السلطنات والممالك
لم يكن بينهـا أى نوع من أنواع الوحدة السياسية، وكان من أثر ذلك
خضوع معظم هذه الإمـارات للأحبـاش فـى النهـاية رغم حركات الجهاد
التى استمرت نحو أربعة قرون من الزمان.
وترجع هذه الفرقة السياسية إلى أن هذه السلطنات تكونت من بطون
عربية مختلفة فضلا عن اختلاف المذاهب الدينية فيما بينها.
فـكـانت هذه المدن والسـلطنـات تستقـل كـل واحدة منهـا عن الأخرى
بنشـاطهـا التجـارى، وكـانت العداوات لاتفتـأ تشتعل فيما بينها، مثل
النزاع بين «مـالندة» و«ممبسـة» والذى استمر حتى قدوم البرتغاليين
الذين استغـلوه فـى السيطرة عـلى هذه المنطقـة، وقد بلغت البغضاء
بين هذه المراكز الإسـلاميـة حدا جعـل بعضهـا يتعـاون مع البرتغاليين
نكاية فى الآخرين.
إذن كـان طـابع هذه الإمـارات اقتصـاديـا صرفًا، فتنوعت مشروعاتها
الاقـتصــاديــة، واشـتغــلت بـالزراعـة فـى المنـاطق الخصبـة، وجـلبت
مزروعـات جديدة لم تـألفها البلاد من قبل مثل البرتقال والذرة والفلفل
والأرز والقـرنـفــل. وكــان لهــا أيـضًا نـشــاط صـنـاعـى، فقد عرفت
«مقديشيو» بصنـاعة المنسوجات الرفيعة التى كانت تصدر إلى العالم
الإسـلامـى كما عرفت «سوفالة» باستخراج الذهب إلى جانب التجارة
فــى العــاج وجـوز #الهند# والرقيق. وقد أدى ذلك إلى ثراء هذه المدن
والسلطنات ثراءً كبيرًا ظهر فى وصف الرحالة العرب وغيرهم لها.
وقد ترك هذا النشـاط الاقتصـادى أثره فـى الحيـاة الاجتماعية وأدى
إلى تـنوع الطبقـات، فهنـاك الطبقـة الأرستقراطيـة من العرب، وطبقـة
الهنود الذين تركزت فـى أيديهم الشئون المـاليـة والمصرفيـة، وطبقـة
خــليط من العرب وأهـل البـلاد الأصـليين، ثم طبقـة العبيد الذين كـانوا
يقومون بالأعمال اليدوية فى المزارع والمصانع والمتاجر.
وقد تـأثرت الثقافة الإسلامية بهذا النوع من الحياة التجارية وبحركات
الجهاد المستمر الذى فُرض عليها، سواء فى الشمال من مقديشيو ضد
الأحبـاش أم فـى جنوبهـا ضد البرتغاليين. فالمدن التجارية والسلطنات
التــى قــامـت عـلى طول السـاحـل كـانت ذات صـلات وثيقـة بـالعـالم
الإســلامـى، وشئون التجـارة تفرض تـلك الصـلات وتنميهـا وتعمقهـا،
وكـان للتجـارة جـانبهـا المضـىء فـى نشر الإسـلام وثقافته فقد أتت
معها الفرق والمذاهب التى عرفتها الحياة الإسلامية وقد انتشر فقهاء
اليمن والحجـاز ومصر فـى تلك المناطق، وكان هؤلاء غالبًا ما يعملون
بـالتجارة، وكان تأثيرهم كبيرًا فى إذكاء حركات الجهاد هناك، وقد
وفـد إلى الأزهـر كـثيـر مـن الطـلاب والعـلمـاء وأنشئ به رواق لأهـل
«زيلع» ورواق للجبرتية.
وبـرز من هـؤلاء العـلمـاء الوافدين إلى #مصر# طـائفـة كبيرة من أمثـال
الشـيخ الإمـام الزيـلعـى «فخر الدين عثمـان بن عـلى» المتوفـى سنـة
(742هـ = 1342م) والمحدث الزيـلعـى «جمال الدين عبدالله بن يوسف»
المـتوفــى سـنــة (762هــ = 1362م) والعــارف بــالله «الشـيخ عــلى
الجـبرتــى» المـتوفــى سنـة (899ه= 1493م)، وكـان هـؤلاء العـلمـاء
يعودون إلى بـلادهم لمتابعة نشاطهم العلمى. وقد وفد إلى تلك البلاد
بـعض العـلمـاء المصريين، فـابن بطوطـة يشير إلى وجود أحد عـلمـاء
مصر وهو «ابن برهان المصرى» فى «مقديشيو».
وقد ترك الجهـاد فـى هذه السـلطنـات أثره فـى الحيـاة الثقافية فقد
صبغت الثقـافـة الإسـلامية هناك بطابع دينى عميق، فقد كان الفقهاء
والعــلمـاء من وراء حركـات الجهـاد التـى قـام بهـا سـلاطين «عَدَل»،
وظـهر الأمراء الأئمـة منذ القرن الخـامس عشر الميـلادى، وكـان هـؤلاء
السلاطين يأتمرون بأمر الفقهاء ويتلقون منهم التوجيه والإرشاد.
وكـان انتشـار الإسـلام يسير فـى ركـاب حركات الجهاد التى قام بها
الســلاطين فـى «أوفـات» و«عدل» و«هرر». وليس ثمـة شك فـى أن
انتشـار الإسـلام كـان مصحوبًا بنشـاط تعـليمى واضح؛ إذ كلما انتشر
الإســلام فــى مـكــان خف إليه الفقهـاء والمعـلمون وأقـاموا المدارس
والكتـاتيب، وقد لاحظ المستشرق «تومـاس أرنولد» أثنـاء تنقـله فـى
بـلاد #الحبشـة# أن الوظـائف التـى تتطـلب خبرة خـاصة ومستوى ثقافيا
معينًا كـان لا يشغـلهـا إلا المسـلمون، ويعلل ذلك بأن المسلمين كانوا
يعـلمون أبنـاءهم القراءة والكتـابـة فـى الوقت الذى كـان فيه أبنـاء
المسيحيين لايتعلمون إلا إذا أرادوا الانتظام فى سلك الكهنوت.
وربمـا كانت الحياة الثقافية فى السلطنات الإسلامية التى انتشرت من
«مقديشيو» صوب الجنوب أكثر ازدهـارًا منهـا فـى مدن الشمـال، فقد
عـاشت هذه المدن عيشـة رخـاء وطمـأنينـة منذ نشـأتهـا الأولى حتى
بدايـة الاحتلال البرتغالى فى أواخر القرن الخامس عشر الميلادى، ولم
تشهد ما شهدته مدن الشمال من جهاد لأجل البقاء، ولذلك كان أمامها
من الوقت مـا تعطيه لرعـايـة الفنون والآداب وأنواع الثقـافة الإسلامية
المختلفة.
وقـد حـمــل إليهـا العرب والفرس حبهم للأدب والشعر، ويبدو أن فترة
الاحتـلال البرتغـالى وما أعقبها من تحرر وانطلاق أنتجت نهضة أدبية
وصـلت غـايتهـا فـى القرن الثـامن عشر الميـلادى، وامتدت إلى الأدب
الشعبـى السواحيـلى، فظهر فـى هذا الميدان شـاعر من أهل الجنوب
اسمه «موياس بن الحاج الغسانى» بلغ إنتاجه درجة عالية من التفوق.
كمـا أنتجت ثقـافـة دينيـة عميقة تمثلت فى مؤلفات السيد «عبدالله بن
عــلى» فــى كـتــابه المسمـى «الانكشـاف» وكـان يدرس فـى المدن
الجنوبية كلها فى الأربطة والزوايا وغيرها.
وأيضًا فـى الهمزية التى ألفها السيد «عيد اروس بن الشيخ على» من
أهل «لامو» والتى اشتملت على نزعة دينية عميقة.
وكـان تـأثر تـلك البـلاد بالتقاليد والحياة الإسلامية واضحًا فى انتشار
الطرق الصوفيـة، وقد تم تبسيط هذه الطرق لتـلائم عقـلية البدائيين من
أهل تلك البلاد.
ويـبدو أن الطـرق الصوفيـة لم يكن لهـا وجود كبير فـى القرن الثـامن
الهجرى الرابع عشر الميـلادى فى الوقت الذى زار فيه «ابن فضل الله
العـمرى» هـذه البــلاد، فـهو يـتحـدث عن المدارس والخوانق والروابط
والزوايا ولايشير إلى الصوفية إلا كأفراد.
والقـادريـة هـى أولى الطرق الصوفيـة التـى دخـلت بلاد الحبشة على
أيـدى المـهــاجـريـن مـن اليـمنـييـن والحـضـارمـة، وقد انتشرت الفرق
الصوفيـة فى «مصوع» و«زيلع» و«مقديشيو» وفى المراكز الإسلامية
عــلى الســاحــل الشرقـى جنوب «مقديشيو»، وفـى الجزر الإفريقيـة
المواجهة له.
وقـد ذاعـت بـين مـســلمـى الحبشـة والصومـال عـادة تقديس الأوليـاء
وانتشرت أضرحتهم فـى طول البـلاد وعرضهـا، وأغـلبهم من الغربـاء
الذين وفدوا عـلى البـلاد وادعوا انتسـابهم إلى بنى هاشم، وقد ظهر
فضـلهم وتقواهم وتقشفهم وعـلمهم، فتأثر بذلك المسلمون الذين نالوا
حـظًا مـحدودًا مـن التـعـليم ولاسيمـا فـى المدن والقرى. وكـان هـؤلاء
الشيوخ يـؤمون النـاس فـى الصـلاة ويعـلمونهم القرآن والحديث، فإذا
مــاتـوا أصبحت أضرحتهم مركزًا للتعـليم يفد إليهـا النـاس، ومن أشهر
هــؤلاء الأوليــاء «الشـيخ سـعد الديـن» فــى «زيـلع»، والشيخ «عمر
السكرى»، و«الأمير نور بن المجاهد» فى «هرر».
وعـلى ذلك فقد قـامت سـلطنـات وإمـارات إسـلاميـة فـى بلاد الحبشة
والصومـال وجنوبًا عـلى طول السـاحـل الشرقى حتى نهر «زمبيزى»
فـى «موزمبيق»، وفى الجزر الإفريقية المواجهة له. وكان نصيب هذه
الإمــارات هـو الدخـول فـى صراع الحيـاة والموت أمـام خطر الأحبـاش
بـالنسبـة إلى السلطنات الشمالية وطوال أربعة قرون من الثانى عشر
إلى الســادس عـشر، ذلك الصـراع الذى انـتهـى بـإخضـاع معظم هذه
الإمـارات سيـاسيـا للأحباش حتى تم تحرير معظمها فى النصف الثانى
من القرن العشرين، ثم مواجهـة خطر البرتغاليين بالنسبة إلى سلطنات
الجـنوب بـدءًا مـن القـرن الســادس عـشر وطوال القرن السـابع عشر،
حتى تم تحرير تلك المناطق من البرتغاليين على يد العرب العُمانيين.
وإذا كــان الإســلام قـد انتشر فـى #إفريقيـا# جنوب الصحراء عـلى هذا
النـحو الذى تـحدثـنـا عنه، فقد أصبحت القـارة الإفريقيـة هـى القـارة
المسـلمـة الوحيدة فـى العـالم كله؛ حيث إن أغلبية سكانها بما لا يقل
عن (65%) مسـلمون، وأصبح الإسلام هو مستقبلها، فما هو الأثر الذى
تـركـه منذ انتشاره فى هذه القارة ؟
أثر الإسلام فى إفريقيا جنوب الصحراء:
قبـل أن نتحدث عن أثر الإسلام فى حياة الأفارقة جنوب الصحراء نود
أن نـقدم لهـذا الحـديـث بـشهــادة وردت عــلى لســان أحـد الأوربيين
المنصفين ويسمـى «ميك» فـى كتـابه فقال: «إن الإسلام لم يترك أثرًا
عـميـقًا فــى التـركـيب الجـنسـى لهذه الشعوب فحسب، بـل إنه جـاء
بحضـارة أتـاحت للشعوب الزنجيـة طـابعًا حضاريا لايزال واضحًا حتى
اليوم مـؤثِّرًا فـى نظمهم السيـاسيـة والاجتماعية، ذلك أن الإسلام حمل
الحـضــارة إلى القـبــائــل المـتبربرة، وجعـل من المجموعـات الوثنيـة
المـنعـزلة المـتفـرقــة شـعوبًا، وجعـل تجـارتهـا مع العـالم الخـارجـى
مـيسورة. فقد وسع من الأفق ورفع من مستوى الحيـاة بخَلْق مستوى
اجتمـاعـى أرقـى، وخـلع عـلى أتبـاعه الكرامة والعزة واحترام الذات
واحـترام الآخـريـن.. لقـد أدخــل الإسـلام فن القراءة والكتـابـة، وحرم
الخـمر، وأكــل لحـوم البـشر، والأخـذ بــالثـأر، وغير ذلك من العـادات
الوحشية، وأتاح للزنجى السودانى الفرصة لأن يصبح مواطنًا حرا فى
عالم حر».
وشهـادة ثـانيـة يتحدث فيهـا صـاحبهـا «جرانفيـل» (الكونغولى) فى
العـصر الحديث عن شـىء من أثر العروبـة والإسـلام فـى عمق القـارة
فيقول: «لقد زوَّر البـلجيك فـى الكونغو، فـليست مدينـة ستـانلى فيل
سـوى مـدينـة تيبوتيب وهو الزعيم حميد بن محمد المرجبـى العُمـانـى
العـربـى الذى أقـام هذه المدينـة قبـل قدوم الرحـالة ستـانـلى، وليس
العرب كمـا قـالوا لنا تجار رقيق، وإنما هم تلك الموجة الإنسانية التى
اختـلطت بنـا وصـاهرتنـا وتركوا لنا لغة متولدة من لغتهم - يقصد اللغة
السواحيـليـة - ودينًا، وحضـارة، وسمـاحـة تسرى بين كل الناس، كما
تركوا عـلى أرضنـا دمـاءهم والبـلجيك يحصدونهم بـالأسلحة الحديثة،
وليس أعز عـلينـا شـىء من هذا الدم العربـى الذى سـال فى الماضى
كـمــا ســال ويسيـل دمنـا الآن فـى بـلادنـا عـلى أيدى أعداء العرب
أنفسهم فى القرن الماضى».
ونـشير الآن فـى إيجـاز شديد إلى أثر الإسـلام وحضـارته فـى شتـى
ميادين الحياة فى إفريقيا جنوب الصحراء:
الدين والعقيدة:
وفــى هـذا المـجــال نستطيع القول إن الإسـلام قضـى عـلى العقـائد
الوثـنيــة وحــلت الوحـدانـيـة محـل عبـادة الأرواح والأسـلاف ومظـاهر
الطبيعـة، فـاستبدل الناس الإسلام بهذا الشتات والفرقة الدينية الوثنية
ذات الطـبيـعــة الخـرافـيــة والوهميـة، وتم القضـاء عـلى تحكم أرواح
الأسـلاف والأجداد - كمـا كـانوا يعتقدون - فى حياة الأحياء؛ إذ كانت
أرواح هــؤلاء الأســلاف مـن المـوتــى هم الرؤسـاء الفعـليون للأسرة
وللقبيـلة كلها، وهم القوامون والمراقبون لسلوك الأحياء، ولهم عليهم
حـق الثـواب والعـقــاب، ولابـد من استشـارتهم فـى كـل أمر من أمور
الحيـاة ومشـاكـلها. كما قضى الإسلام على الاحتفالات الدينية المهيبة
التــى كــانت تقـام لآلهتهم ولأسـلافهم، والتـى كـانوا يشربون فيهـا
الخمور ويقدمون فـى أحيان كثيرة القرابين البشرية كى ترضى عنهم
الآلهــة وأرواح الأســلاف، حـررهـم الإســلام من كـل ذلك ومن أعمـال
السحر والكهانة المرتبطة بهذه العقائد الوثنية، وحل الفقيه أو الداعية
المسـلم محـل الكـاهن أو السـاحر، وحـل المسجد فى القرية الإفريقية
محـل دار عبـادة الأوثـان ذات المنظر البشع، وحـلت حلقات الذكر التى
كــان الصوفيـة يعقدونهـا محـل حفـلات الرقص المـاجنـة، وبذلك تحرر
الأفــارقـة سودانًا كـانوا أم زنوجًا من هذا التخـلف العقيدى والفكرى
وتـم جـمعـهم عـلى عبـادة واحدة وإله واحد وشريعـة واحدة ذات نظم
واضحة تنظم حياة الفرد والمجتمع.
الحياة الاجتماعية:
وفـى هذا الصدد نستطيع القول إن الإسـلام خـلَّصهم من عـادات سيئـة
كثيرة مثل العُرْى وأكْل لحوم البشر ودفن الجوارى والخدم والزوجات
مـع المــلك المـتوفـى، ووأد الأطفـال أحيـاءً، وكـان هـؤلاء الأطفـال
يـوءدون لا لشــىء إلا لأنـهم وُلدوا مـشوهـين، أو وُلدوا وبـهم مس من
الشيطـان كمـا كان يعتقد آباؤهم، أو لأن أسنانهم العليا ظهرت أولا،
وهو فـأل سيئ عندهم، فكانت بعض القبائل تترك هؤلاء الأطفال فى
الغــابــة تخـلصًا منهم، ولكن الإسـلام عدَّل هذه العـادة بين المسـلمين
الأفارقة.
زد على ذلك أن الإسلام علمهم النظافة فأخذ الأهالى الذين لم يتعودوا
من قبـل عـلى النظافة يغتسلون ويتنظفون، لأن إقامة الشعائر الدينية
الإسـلاميـة لا تصح إلا بطهـارة البدن والملبس والمكان. يضاف إلى ذلك
أن الإســلام نـظمـهم فــى الزواج ونـظــام الأسرة،إذ جعـل الرجـل هو
المـسئـول الأول عـن الأسـرة لا المرأة كمـا كـان الشـأن عند كثير من
القبـائـل الإفريقيـة، فصار الأبناء ينسبون لآبائهم وليس لأمهاتهم، كما
حدد عدد الزوجـات فـى أربع فقط وليس كمـا كـان الحـال عندمـا كان
الرجـال يختلطون بالنساء اختلاطًا جماعيا، أو كان للرجل ما يشاء من
نـســاء حـسب قـدرتـه ومـقدرتـه. وبـذلك رفـع الإسـلام مكـانـة المرأة
وأحـاطها بسياج من الاحترام والطهر والعفاف، بعد أن كان الابن يرث
زوجات أبيه بل ويتزوج بهن، وكان نظامهم أن ابن الزوجة الأولى هو
الذى يـختـص بـميـراث أبيه كـله عند وفـاته ويحرم منه بـاقـى الأبنـاء
فوضع الإسـلام نظامًا عادلا لتوزيع التركة بين أفراد الأسرة جميعًا إذا
مـات عائلها، حسب نظام دقيق يعطى لكل ذى حق حقه دون زيادة أو
نـقصــان، ودون ظـلم أو بهتـان، ممـا أورث الحب والمودة فـى قـلوب